حقيقة الصدق ومراتبه ومكانته في الإسلام
إنّ
لفظ الصدق قد تسمّى به الله عزّ وجلّ بقوله: {وإِنَّا لَصَادِقُونَ}[1]
فالصدق ما تضمنه كلامه عزّ وجلّ من شهادته لنفسه بالوحدانيّة, وبجميع ما أثنى عليه
على نفسه, وبأن لا فاعل إلا هو سبحانه, وأمّا حقيقتهُ في العباد فهو استواءُ
السريرة والعلانية, والظاهر والباطن.[2]
وللصدق
ستُّ مراتب, ويستعمل في ستَّة معان وهي:
1-
صدق
اللسان والقول
وذلك لا يكون إلا في
الإخبار, وفيه التنبيه عليه ماضياً أو مستقبلاً, ويحتاج إلى الوفاء بالوعد.[3]
وعلى ذلك يجب على كل عبد أن يحفظ ألفاظه, فلا يتكلم إلا بالصدق.
2-
صدق
النّيّة والإرادة
يرجع هذا الباب إلى
الإخلاص لله تعالى في كل الأحيان سواء في الحركات والسكنات. كما المعروف أن حديث
الأول في أربعين النوويّة يتكلم عن النّيّة. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلّم:
(( إِنّمَا الأّعْمَالُ بِالنِّيَّات وَإِنّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى, فَمَنْ
كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ,
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا أَوْ يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٌ يَنْكِحُهَا,
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ))[4]
3-
صدق
العزم
العزم على الخير,
وعلى سبيل المثال عزم على النجاح في الحياة الدنيا والآخرة, سوف يفعل كثير فعل
الخير ويحاول بجِدّ إلى غايته. كما قال الإمام الحسن البنا : [ إذا صدق العزم وضح
السبيل, وأن الأمة القوية الإرادة إذا أخذت في سبيل الخير فهي لا بدّ واصلة إلى ما
تريد إن شاء الله تعالى, فتتوجهوا والله معكم ].[5]
4-
الصدق
الوفاء بالعزم
الوفاء بالعزم عند
القدرة على المعزوم عليه. فقد امتدح الله عز وجل هؤلاء الذين ثبت عزمهم ووفوا بذلك
فقال تعالى في القرآن الكريم : { مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا
عَاهَدُواْ اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن
يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدَيلًا }.[6]
قال أبو سعيد أحمد بن
عيسى الخراز – رحمه الله - : رأيت في المنام كأن ملكين نزلا من السماء, فقالا لي :
ما الصدق ؟ قلت : الوفاء بالعهد.[7]
5-
الصدق
في الأعمال
وهو أن لا يكذب في
أعماله وأحواله. قال عبد الواحد بن زيد البصري – رحم الله - : كان الحسن البصري –
رحم الله – إذا أمر بشيءٍ كان أعمل الناس به, وإذا نهى عن شيءٍ كان من أترك الناس
له, ولم أر أحدًا قطّ أشبه سريرة بعلانيةٍ منه.[8]
6-
الصدق
في مقامات الدَّين
هو أعلى الدرجات
وأعزّها, وعلى سبيل المثال : الصدق في الخوف, والرجاء, والتعظيم, والزهد, والرضا,
والحبّ, والتوكل, ومع ذلك.
قال أحد العلماء : من أراد أن
يكون الله معه فليزم الصدق, فإن الله تعالى قال في كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامّنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }.[9]
إن منزلة ومكانة الصدق
والصّدّيقين تكون في الأول مرتبة من الباب الفضائل, وأما الكذب والكذابون في الدرك
الأسفل من الرذائل. إذا يكذب مرة فيكذب أبدًا. كما في حديث صلى الله عليه وسلم : ((
عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ
يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا
يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ
اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى
الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ
يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا )).[10]
قد يتبادر لبعض
المسلمين أن الصدق أنك إذا سُئلت عن شيء أن تجيب إجابة صحيحة وقعت، هذا جانب من
جوانب الصدق، ولكن الصدق يعد سمة أساسية في شخصية المؤمن، فهو صادق مع نفسه، وصادق
مع ربه، وصادق مع خلقه، وصادق مع البهيمة.[11]
وخلاصة القول, أن
الصدق من الأخلاق الكريمة ويحمل إلى الخير أما الكذب من الأخلاق القبيحة ويحمل إلى
الشرّ. فاستعن بالله على يستقم بكلام صدق وحق ولو بشعور ملح ذلك الحقيقة. بالصدق
يستطيع الشخص يشعر الآمن والفرح والسرور. واستعذ بالله على الكذب أبدًا.
[2] الصدق والصادقون في القرآن العظيم والسنة
النبوية, أحمد خليد جمعة, دار الكلم الطيب : دمشق- بيروت, 1415 ه, ص 37

No comments:
Post a Comment